حبر يرسم حروف من روح الواقع فيخترق بها العقل والقلب من دون قيود أو شروط فأٌقول وأقول

الاثنين، 24 ديسمبر 2012

اشباع إفتراضي للحب

يعيش حالة انفصام جبرية ما بين الداخل والخارج يقسم أسبوعه بإجبار منها على الحال هذه. ففي أول الاسبوع يعيش دور الأعزب  بكل ما فيه من طيش ومراوغات لكن بإحتياجات ونواقص أكثر تعوض في أخر الاسبوع ، وفي أخره يعود ليكون رب الأسرة ، حالة من النفاق و الكذب على النفس من اجل التعود والتأقلم مع حقيقة كاذبة.

ظروف عمله أجبرته على أن يكون في منطقة بعيدة عن منزله في أخر حدود البلاد ، لكن أنانية زوجته لم تسمح لها بأن تكون نصفه الأخر الذي  يكمله في هكذا حالات ، فحاجته لدعمها و وقوفها لجانبه أكثر ما يمكن أن يصبره و يقويه.
لكنها إختارت إلا أن تبقى حيثما هي و تتركه في المنفى وحيدا" بحجج غريبة، تبرر فيها فعلتها . أما هو في اول الأمر إعتقد أنه سيتعود ويتأقلم ،  فيمضي أكثر أيام الأسبوع بعيدا" لكي يعوض في أخر الأسبوع كل ما فاته من تمثيل مسرحية هذا الزوج .

شهور مضت و هو يحاول أن يتأقلم و يرتب حياته على روتين معينا" و يحاول بكل الوسائل و المغريات و الأساليب أن يقنعها بأن ترافقه لكي تكون معه لكن عنادها حالت ببقاء الحال كما هو عليه . بدأ يبحث عن وسائل ليقرب المسافات بينهما ليشعر بقربها، فوجد أن "الإنترنت" وسيلته الوحيدة فإختار حاسة النظر والسمع و ضحى بحاسة الشم و اللمس و التذوق  لكي يشعر بأقل قدر ممكن من القرب منها .
مرة اثنان ثلاثة ومرات أخرى ، حتى قررت الملل من هذه اللقاءات الوهمية و عاودت التهرب والتحجج  مرات أخرى، حاول أن يقوم بكل الاشياء وبحث عن جميع الطرق ليحسن الحال بينهما ، لكن ما من أمل بالإضافة إلى استحالت استقالته من العمل خاصة وهم بإنتظار ضيف جديد على وشك الوصول .

بعد كل هذه المحاولات قرر أن يختار طريقا" خاصة به بعيدا" عنها بما أنها قررت البعد و عدم التجاوب مع كل ما يمكن تحسين و تقريب المساقات ، وجد "الانترنت " متنفسا" له بكل مافيه من حسنات و الأكثر من ذلك سيئاته.
فبدأ يدخل المواقع و يتنقعل بالحديث مع هذه وتلك ، المحترمة والغير محترمة، العربية والأجنبية، يخرج مافي داخله من تهور ومشاعر وعبث ومراوغات . يتنقل بالحديث بينهن ، ويتمتع معهن بشتى الوسائل ، فيختلفن بين التي تعطيه الفرصة و بين التي تصده و توبخه حتى و ان كن كثيرات فدائما" ما يجد بديلات . ما من شيء يبرر فعلته ، فوصل لمرحلة الخيانة بكل معنى الكلمة، ولحظة شعوره بخطيئته قرر اعادة المحاولة مع زوجته لكن ما من نتيجة! قرر الإعتراف لها ،فلم تصدقه وهددها بأنه سيتزوج مرة أخرى فلم تهتم ، فبرودها عجيب و إهمالها أعجب و أنانيتها أوجع .

بعد الإنجاب بدأت تبربراتها تصبح أكثر ، حينها قرر أن يعيش فعليا" كأعزب عندما يكون في عمله، وأنه في عطلته يكون زوج وأب ورب أسرة ، حياة انفصام في الشخصية فيها من التمثيل والخداع الذي أجبر عليهم الكثير الكثير . أحيانا" ما يستيقظ ضميره من سباته ، فيذكره ويعلمه بأنه ليس أعزبا" وانه يوجد عائلة مسؤولة منه ولا يمكنه أن يغامر كأي أعزب .
يتنقل بالحديث بينهن ، ويتمتع معهن بشتى الوسائل ، فيختلفن بين التي تعطيه الفرصة و بين التي تصده و توبخه حتى و ان كن كثيرات فدائما" ما يجد بديلات .

سنة مضت على هذه الحال ، بعد أن كان يتسلى و يخون ويقضي حاجة بدوة أي تأنيب للضمير ، أحب لا يعرف كيف احداهن ، كانت محترمة ؟ نعم ، كان يبادلها نفس الاحترام؟ نعم ، هل أحبها فعلا؟ نعم ، هل أشعرته بقربها رغم المسافة وعدم معرفتهم ببعض؟ نعم ، مهما سألت فأجوبتي عليها هي نعم ، كانت ملاكا" أو معجزة بالنسبة له ، لكنه كان شيطانا" في المقابل لأنه لم يخبرها عن زواجه أو عائلته . في الفترة هذه كان تردده على المنزل يقل تدريجيا" لكن زوجته لم تشعر بالموضوع، فهي الأخرى كانت مازالت متعودة على العيش كعزباء ووجوده بالنسبة لها لم يكن يشكل فارقا" كبيرا" .

المهم بعد تعرفه على فلانة تحولت أوقات عائلته أوقات خاصة بعشيقته، حتى أدمن عليها وعلى وجودها في حياته، وعاش معها مرحلة حب كان من المتوجب انه عاشها و قطعها مع زوجته ، لكن عدم مبالاتها الغريبة بعد الزواج افقده الاحساس. قرر يوما" أن يفاتحها بموضوع الإرتباط لكنه باح لها بحقيقة ارتباطه أولا" وفعل ، انصدمت به ووبخته ورحلت ، حاول أن يوقفها و يشرح لها و يبرر لكن ها هي مرة أخرى من مراته التي لم يستطيع أن يقنع من يحب .

وأخيرا" بعد تفكير طويل وبأنانية متبادلة وضع زوجته بين خياريين لا ثالث لهما , إما الطلاق أو مرافقته, أما هي فقررت ...




المارة قصص مبهمة

أقف على الرصيف مبللة بدموع السماء وشرارات غضبي تبخرها لترجعها من حيث أتت، نسمات قارسة تلسعني فما بين السقيع والحرارة إنشلت الحركة وتجمدت الأنظار على نقطة واحدة في انتظار أن تهدأ الأجواء لأعثر على وسيلة لأعود لمنزلي بكامل أناقتي وهدوئي كما تركته. 
جامدة كأنظار تمثال رياض الصلح الذي أقف لجانبه، لكن أنظاري عاودتها الحياة حين اخترقنها،هن من ثلاث أجيال غير متشابهة وأشكالهن صورة واحدة بمراحل  مختلفة . بينما أنا أستجمع تركيزي ، بدأت أتفحص تفاصيلهن من غير انتباه ونسيت سببب غضبي ووقفتي. 

هن لاجئات استنتاج أولي، الكبرى هي الام على ما يبدو والثانية هي الكبرى أما الثالثة فهي أخر العنقود. تحليل الشخصيات كان من خلال شكل تشابك الايدي، فالام مسكت يد الثانية بطريقة تشبه لحد ما القيود الحديدية التي يستعملها الشرطي، أما طريقة الثانية فكانت تشابك أيادي الكبرى و الصغرى  الذي كان بشكل الحلقات اللواتي يشكلن سلسلة ، بالرغم من فرق طول بينهما إلا أنهما كانتا سلسة بحلقتين متينتين.
سارعن بعد التشابك، كلا" على طريقتها لقطع الطريق، فنظراتي حينها بدأت تتفحص من غير إدراك رسمهن وألوانهن ، تبحث عن خيوط و خطوط لقصة ما، فضعت بين الفضول والبحث عن أجوبة. 
لفتني أن الأم والكبرى قد إرتدت كلا" منهما جزمة  وثياب شبه سميكة ، أما الصغرى فترتدي حذاءا" صيفيا" مفتوح  وبنطلونا" رقيقا" وقصيرا" وثيابا" استحالة أن تحميها من هذا السقيع . فنحن في فصل  الشتاء ، والسيول لا أمان لها و الأمطار تقوم بتوبيخ أقدامنا و ملابسنا مهما كانت مقفلة أو سميكة فما حال هذه الطفلة!

هنا عاودت تأكيد تحليلاتي بأنهن لاجئات ، حينها انطلقت حدود مخيلتي وأطلقت العنان لنفسي وأنا أتباع سيرهن وخاصة أخر العنقود  وأقدامها الصغيرة التي تتطاير برشاقة و خفة ، موسعة خطواتها حتى تتفادى السيول التي سببتها الأمطار، وال‘بتسامة الخجولة التي تعلو وجهها وهي تلعب في عبور الطريق والهروب من المياه . حينها إختارت مخيلتي القصة التالية لتبرر حال الصغيرة :
بينما القصف كالشتاء على منزلهن و الخطر يحوم حولهن بكل فوضى والخوف يسكن قلوبهن خرجنا كما كن وبكل ما وصلت إليه الأيدي من ملابس و أشياء ، هربن من الموت كبطلات و مناضلات من غير إستسلام لظلم أو خطر أجبرن على عيشه . وبسبب كل ما تقدم انتهى بهذه الصغيرة أن  تكون بهكذا حذاء و ملابس في شتاء قارس ، فلا بشر ولا طقس كان رؤوفا" رحيما" معها .

 تابعت سيرهن حتى أخر ظل من ظلالهن على الشارع المقابل لي ، و أنا مكاني مازلت أنتظر قدوم هذا "التاكسي" الخارق الذي سيوصلني إلى منزلي و يرحمني من جنون خيالي و تحليلاتي . نصف ساعة أخرى وأنا قيد الإنتظار، قررت السير قليلا" أو كثيرا" على أمل أن تحصل المعجزة ، فصرت في مكان مختلف والمطر أصر على أن يوبخني و الهواء قرر أن يخرب مظلتي وأنا صامدة أدعو بحصول المعجزة، لكن ما من مجيب فإذا بأنظاري تضيع بين المارة و تتفحصهم و تبحث عن قصة أخرى أشغل بها مخيلتي، فإذا  به "هو"هذا العجوز الذي يمشي محدثا" نفسه يصبح قصتي الأخرى ...